عاشق ولهان
تيمه الحب و أقرظه التحنان
فتسكع في دروب الهذيان
حتى على مشارف الجنون دان
و بحكم الاعراف التي تجرم الحب المباح
و خشية الافتضاح
و كون حبة العين مدججة بحاجب و رماح
لا يسمح له إلا بالنظر السريع اللماح
كان ينتظرها عند مورد الماء كل صباح
يتعقبها من مأتاها إلى الرواح
يتوق لفرصة همس يلهمها السناح
حتى كان ما كان
التقيا
فشربت العيون من العيون
تهامسا و تعانقا
ما يزال ينتظرها
حين تعود
يكون قد انتظرها على أحر من الجمر
وأول ما تفعله حين يلتقيان
تطفء ناره
بان تصب قربة الماء على ناره
يقول لها ذلك شوقي
لا اريد ان تطفئيه دعيه يتاجج يغلي
فتقول له
سئمت اشواقك الصبيانية و حنينك الطفولي
سخرت منه ضاحكة ذات يوم
قالت
اذهب الى وادي عبقر
فتتعلم العشق كيف يكون
كانت تطرده
و كلما فتحت له من ابواب الطرد اوسعها
يضيقها بالصبر
قرر تنفيذ النصيحة
حزم متاح الرحيل
و سافر عند بزوغ الفجر
رحل الى المجهول
و في الطريق و من وعثاء السفر و الحر و الهجير
تآكل خفه الايمن
فتركه غير ماسوف عليه
قال في نفسه
الخف الايسر ان بقي يكفي للرحلة
لكن الرحلة طالت حتى تآكل الايسر
و تلاشى هو الاخر
احتفظ منه بالشسع
اكمل الطريق بلا خفين حتى وصل الوادي اخيرا
استقبله ملك الوادي
ما جاء بك ايها الفتى
لا يقصدنا الا العشاق
المظلومين منهم
أو الذين ترسلهم النساء إلى حتفهم
قال له انا عاشق مضيوم
مظلوم
قال و ما طلبك
قال لا اعرف بالضبط
لكن امرأة ارسلتني
انتم هنا تعرفون ما تريد النساء
نظر اليه مليا
استشار مع معاونيه تهامسوا طويلا ثم تبسموا و ضحكوا
قال له اكبرهم
اين خفيك
قال
اضعتهما
تمزقا في الطريق
معي فقط شسع الايسر قلت ربما ينفع للذكرى
قال له
الم تكن تعرف المسافة
و تقدر المشقة
قال لم اكن اعلم لاقدر
قال
لا نجيب طلبات من لا يقدر الامور و يمشي حافي القدمين
فاذهب و اجلب خفيك لعلهما يشفعان لك
و لا تنس
نريد الخفين الذين اضعتهما
هما ما نريد بالضبط ليس غيرها
طأطا راسه
المسكين وعى الدرس
الطلب مستحيل
و القوانين صارمة
و الطلب مردود ان كان تمة من طلب أصلا
فعاد بخفي حنين
عاد الى قبيلته
فوجد القبيلة كلها قد شاخت و قد يئست من عودته
سأل عن الاميرة
تزوجت اميرا و انجبت امراءا
اخبروها بعودته
طلبت مثوله بين عينيها
عرفته لم يتغير مثلما كان يوم رحيله
في نفسها اشتعل ندم خفي و استيقظت من الماضي السحيق مشاعر دفينة