الثلاثاء، 19 نوفمبر 2013

و قد انتفى الماء













الصحراء عزيز قوم أذلها الماء
فحمص رملها السراب
ما يقال أنها في الاصل رجل عطوف حالم
شعره غابات صنوبر و سرو و خيزران
و شواربه عشب مختلف ريان
تطاول يوما فعشق حورية من قبائل السحاب
لمحها ذات صبيحة مطيرة تنقر أوتار القزح
فيتساقط اللحن حنونا ينشر الفرح
مزق كل أتوابه أشرعة للابحار إليها حتى تعرى
فبدأ يبري أشجاره أقلاما ليكتب إليها قصائده
و يقص خيزرانه نايات ليسمعها أناشيده
حتى غزاه الصلع
فعكف على شاربه يقلمه
ليفتل منه ريشات لرسومه
لم يشعر بهيئة تصحره إلا و قد بدأت السحابية بالشكوى
أين الحرف أين النشيد اين المعتاد من النجوى
و  لما لم يجد من حيل يجدي
غير رسوم على الاطلال و الكتبان يهدي
عاقبته الحبيبة المطرية بالجفاف الابدي


مذاك و هو يرسم في خضم العطش
صورا للارتواء غاية في الجدل
ففي عرف الصحراء و قد انتفي الماء
تغدو الحورية غزالا
لذلك طفق يرسمه ورديا يطبطب على الورد
و الورد منعما يسكب له رحيقه
يرسمه رشيقا عزيزا في ذمة الفرح
و البسمة خصي أرستقراطي منتش
لا يستوعب ما يفعل بمسكه
و وسيما أنيقا على نبع رقراق
الماء يمد راحتيه ليسقيه 
و يرتشف بعدها من شذاه
يصور الخضرة تسقي الماء 
و الماء يستنشق الورد 
كل اللوحات تجلي الغزال مزهوا برواءه
كل جميل يتغنج له
كالقمر يلاطم النواميس بانزياحاته
كل نضيد منجذب نحوه
وفي الزخم يستثنى الرجل الصحراء نفسه 
هل لانه يغار عليه منه
جدلية تضج في أروقة العطش
بعدد حبات الرمل تتعدد  
و بعدد هبات الريح تتشكل و تتجدد


/

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق