عجبت و أنت غائبة
كيف لم أفتقدك كثيرا
أقصد بحجم ما كنت أتوقعه قبل رحيلك
لم أشعر لحظة أنك ابتعدت إلا بقدر ما يعتري زجاج نافذتي من ضباب صبيحة باردة
سرعان ما يتلاشى لينقشع اليقين عن هجس غيابك المفترض
تضبب الصورة أصلا هي من حر أنفاسي الماتزال وسنى
و أنا أتلهف الضوء ليعمد أحلام ليالي الولهى
و لما لم يتبين الخيطان بعد
لم أفتقدك بقدر ما أفتقدني
فعادة حين تذهبين أشعر أنني الذي تطويني الدروب
و أنت الماكثة تتنسمين إلى آخر نفحة عطر تلك اللحظات
أنك على إيقاعاتها المحمولة فوق الغيم
ترسميني بين أحضانك لمشروع لقاء آخر
أنك التي تطقطقين أصابعي فأسمع صداها كرعد ما قبل المطر
أنك العالقة في زحمة لا تلوين إلا عليَ
و أنني طوق النجاة
لا تستغربي أن لا أفتقدك
فلم يحدث أن أوصدت خلف ظلك أبوابي
و لم يطرأ أن اكتحلت أحلامي إلا بطيفك
لن يجد نيوتن تطبيقا أدق تجاذبا مني إليك
و كذا البلاغيون تجسيدا للجار و المجرور
و النعت و المنعوت و الاستثناء و الحال
فأنا مشدود أتدلى و أفضي إليك
طافح بك ناضح منزاح عليك
فكيف أفتقدك و أنا منك كوشيجة القمر
بتغير الفصول و بالمد و الجزر
كيف أفتقدك
و الافتقاد يحيل على الضجر
و أنا عاشق أسرف عليَ منك حد الوله
أصادر ذرات الشغور قبل حتى أن تتململ
و أريق نجيعي لكل نأمة تبقيك فيَ ضارية
لا يكفي تعاقب الليل و النهار لاتساع نضوحي بك
و لا تصعد محارات الشوق من حشاها حتى من أجل أن تتنفس أكسجينا
لأن الاكسجين أنت
لكني أفتقدك فعلا
حتى و أنت تسكنيني
حتى و أنا مأهول بك
حتى و أنا حفي بك جدا
حتى و أنت أنا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق