ما رأيك لو ننسى
أنساك و تنسيني
نوثق جميع ذكرياتنا داخل تابوت نطلقه في اليم
فيتعذر إليها الولوج
الذي بيننا محصن ضد كل عوامل التعرية
و موج البحر وحده السور الذي لن يتآكل لو بفعل فاعل
ننسى لغة العتاب و أبجدية الوصال
و وشوشات أحلام نشتهيها لبعض قبل سقوط الظلام
ننسى صباح الفل و مساء الورد و مسجات القبل
فتغدو كل رموز التهادي خشبية الملمس
تتسطح الاشياء الجميلة التي كانت معك تزهو
ينحصر اضمحلال الحياة إلا في كسرة رغيف
و شربة ماء فاترة كانت بعبق رضاب شفتيك
ما رأيك أن ننسى
كل الصباحات التي كانت تسكنها العصافير
تبهرجها بالفرح و بالهمس الشبقي
فلا يبقى بعد للزهر على أطرافها إلا تأففه الشقي
و لتتسع منتصفات النهار أو تضيق
لن يضيرها إن كانت كأنفاق الطريق السريع
موحشة فلا مندوحة من عبورها
و تلك الأماسي الحالمة نفرغها كما نسكب قارورة عطر
فلا تعود لنوارسنا الهلكى تعبا ملاذها المعطر الحميم
و لا تبقى مأهولة إلا بحطام أطلال تآكل فيه الحنين
ما رأيك أن ننسى
فنبدل ذاك الحصير المخضب سهادا الوخزه يوقظ الأشواق القديمة
بشراشف المخمل و الحرير
لننعم في ليالينا القادمة على ربما سكون
و بشرفات نحرص ألا تشهد أبدا منظر الأفول
فلا تُرى منها السماء بقمرها و نجومها إلا كأجواز محفوفة الخطر
و ألا يتماوجها إلا النسيم المعتل الذي يفيد النوم الثقيل
و لنطعم الموقد وسائدنا الأثيرة
فهي المراكب التي تغوي الأشواق نحو معارج الأحلام
هل تريدين أن نجرب
لنحدو حدو الياسمين
المهادن خلف رايات البياض لا ينحاز لعاشق ضد معشوق
لا يدهشه صخب الجوريات
و لا تروقه غيرة الأقحوان
لا تدلل البنفسج و لا غنج الزعفران
لنفرغ مزهرياتنا من كل أزهارها الملونة
لنخضع أوراقنا على حبل غسيل لموسم كامل من شمس و مطر
لنعود إلى بياضنا الأحور كفطرة الوليد
لنبقى محايدين بلا موقف و بلا ذاكرة
فتلك حكمة الياسمين
هل تريدين أن نجرب النسيان
إذا وافقت فلتعدي إلى الصفر و لا تلتفتي
إلعني ما كان بيننا و اقدفيه بالظنون و لا تودعي
فالوداع سيشعل حرائقنا
و يستدعي الأشواق من مكامن الظل
لا شيء يفتك بالحب أقتل من الظن
و فراق بلا وداع سيكون أنجع لانطلاقة الظنون
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق